13/02/1442

يمكن لجائحة كوفيد 19 تحسين إدماج الاستدامة في الشركات

 قدمت شبكة الميثاق العالمي في إسبانيا منشورها "أهداف التنمية المستدامة في عامها الخامس، القيادة الجماعية في خطة 2030: عشر سنوات للعمل"، الذي تحلل فيه درج“ة المعرفة وتنفيذ خطة 2030 في أهم مجالات المنظمات وتسلط الضوء على الحاجة إلى تعزيز القيادة الجماعية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة (SDG). كنقطة انطلاق لتحليل وتعزيز القيادة الجماعية في أهداف التنمية المستدامة داخل الشركات الإسبانية، أجرت الشبكة الإسبانية استطلاعا حول إدماج أهداف التنمية المستدامة على 411 مديرًا من 161 كيان ملتزم بالميثاق العالمي، وينتمون إلى 13 مصلحة إدارية، من الإدارة التنفيذية أو أعلى منصب إلى إدارة الموارد البشرية أو التسويق أو المشتريات.

 

تنظر الدراسة في تأثير أزمة كوفيد 19 على إدماج الاستدامة وغيرها من المسائل.في هذا الإطار، يعتقد 84٪ من مديري الأقسام الذين تمت استشارتهم أن الجائحة لن تؤثر على عملهم في مجال الاستدامة أو أنها ستحسن إدماجها. لهذا التصريح وزن كبير في الإدارة التنفيذية ومجلس الإدارة حيث يعتقد 53٪ أنها لن تؤثر و30٪ يؤيدون تأثيرها الإيجابي. هذا الادعاء الأخير هو إعلان واضح لنوايا قادة الأعمال لصالح شعار الأمم المتحدة للتعافي بعد جائحة كوفيد 19 "إعادة البناء بشكل أفضل"، والذي يشجع الحكومات والشركات على تعزيز التعافي على أساس معايير الاستدامة والمرونة.

 

الاستدامة تعزز المرونة، وتعني المرونة هنا القدرة على التكيف مع الظروف المعاكسة. اقتصاد أكثر استدامة هو أيضًا اقتصاد أكثر مرونة؛ إن الاعتماد على نظام مالي وشركات لا تركز فقط على النمو الاقتصادي، ولكن أيضًا على جوانب مثل حماية الصحة، والابتكار، والحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري أو مكافحة عدم المساواة، يدعم استمرارية واستقرار الأسواق والاستثمارات على المدى الطويل ويحمي الاقتصاد من حلقات مستقبلية عالية من عدم الاستقرار المالي.

 

ترمي أهداف التنمية المستدامة إلى معالجة المشاكل الحالية والمستقبلية التي يمكن أن تؤدي إلى أزمات اقتصادية واجتماعية كبرى، على سبيل المثال تغير المناخ وآثاره، أو فقدان التنوع البيولوجي، أو استنفاد الموارد الطبيعية أو الأوبئة المستقبلية. وفقًا لدراسة أجرتها جامعة أكسفورد، يمكن لخطط التعافي التي وضعتها مختلف الحكومات والتي تتضمن أهدافًا مناخية أن تزيد من المرونة في مواجهة الصدمات والكوارث المستقبلية، وتخلق وظائف جيدة، وتقلل من الانبعاثات والتلوث.

 

أظهرت الأزمة الناتجة عن جائحة كوفيد 19 أن حماية الناس والكوكب أمر ضروري لحماية الاقتصاد. كما يطالب المجتمع بشكل متزايد بوضع الناس والبيئة في قلب جداول الأعمال الحكومية والتجارية. في هذا الإطار، وفقًا لبحث أجراه البنك الدولي ، يتوقع 3 من كل 4 أشخاص حول العالم أن تضع حكوماتهم خطة تعافي بعد أزمة فيروس كورونا تضع الاهتمام بالبيئة كأولوية، وهي نسبة تبلغ في إسبانيا. 77٪ من السكان. من ناحية أخرى، يعتقد 97٪ من الإسبان أنه ينبغي تخصيص المزيد من الميزانية للصحة العمومية.

 

قالت كلارا آربا، رئيسة الشبكة الإسبانية للميثاق العالمي: "نحن نؤمن إيمانًا راسخًا بالقدرة التحويلية الهائلة للشركات، في ما يخص إمكانات قيادة الأعمال من قبل الإدارة العليا، وتفعيل إدماج أهداف التنمية المستدامة في المنظمة بأسرها، وكذلك من حيث القيادة الجماعية التي يمارسها كل شخص ينمي إلى الشركة بغية تحقيق خطة 2030 ".

 

لتشجيع الشركات على تعزيز القيادة الجماعية داخل المنظمة، تقترح الشبكة الإسبانية 10 مفاتيح تتراوح من إدماج المبادئ العشرة وخطة 2030 في استراتيجية الشركة، إلى دمج المتغيرات المرتبطة بالاستدامة في نظام المكافآت للشركة.

 

من اللافت للنظر في استنتاجات الاستطلاع، أنه على الرغم من الأهمية الكبرى لأهداف التنمية المستدامة ولخطة 2030، ومن حقيقة أن 71٪ من مديري المصالح يزعمون أن لديهم تأثيرًا واسعًا على خطة 2030 من خلال أنشطتهم، إلا أن 61٪ فقط يؤكدون معرفتهم العميقة لخطة 2030. من أجل التعمق في تحقيق الأهداف بحلول عام 2030، من الضروري معرفتهم الجيدة.

 

من ناحية أخرى، يحلل الاستطلاع أيضًا الإجراءات التي تم وضعها لدمج خطة 2030 داخل المنظمة، ومن بينها إدراجها في استراتيجية القسم. يتم تنفيذ هذا الإجراء بشكل أساسي في أقسام الاستدامة والبيئة، بنسبة 92٪ و70٪ على التوالي، في حين أن أقسام الامتثال المالي والمشتريات والتنظيمي بالكاد تدرج إطار عمل خطة 2030 ضمن استراتيجيتها (حوالي 33٪).

 

أما تحليل تطبيق أهداف التنمية المستدامة فهو يُنجز إلى حد كبير من قبل قسم الاستدامة والإدارة ومجلس الإدارة، بنسبة 77٪ و58٪ على التوالي. تتمثل مجالات التحسين في وضع التزامات عامة، يتم تنفيذها فقط من قبل 36 ٪ من الذين شملهم الاستطلاع، بالإضافة إلى التدريب على أهداف التنمية المستدامة، إذ يبلغ متوسط عدد التدريبات في أهداف التنمية المستدامة التي تقدمها الشركات لموظفي إداراتها المختلفة. نسبة 27٪ فقط.

 

وفقًا للسيدة أربا، "من المهم أن يتم دمج أهداف التنمية المستدامة في كل أقسام الشركة وليس فقط في قسم الاستدامة، لأن لكل منها تأثير على خطة 2030. نحن نتحدث عن إطار عمل مستعرض يجب وضعه في قلب إستراتيجية الشركة بهدف بدء المسار نحو التعافي بشكل أفضل من الأزمة الناتجة عن جائحة كوفيد 19. نحن نحتاج الآن أكثر من أي وقت مضى إلى قطاع الأعمال لقيادة التحول نحو أنظمة أكثر إنصافًا ومسؤولية واستدامة ومرونة. "

 

يطالب عالم الأعمال أيضًا بتفعيل إجراءات عاجلة. كما دعا كلاوس شواب، المؤسس والرئيس التنفيذي للمنتدى الاقتصادي العالمي، إلى بناء أساس جديد تمامًا للأنظمة الاقتصادية والاجتماعية العالمية بهدف خلق عالم أكثر إنصافًا واستدامة وازدهارًا. أخيرًا، توفر خطة عام 2030 أيضًا فرصًا مهمة لتحفيز النمو الاقتصادي والبحث عن إمكانيات جديدة للشركات وضعت الوكالة الدولية للطاقة (IEA) خطة التعافي المستدام للفترة 2021-2023 مع التركيز بشكل خاص على تعزيز الطاقات المتجددة أو النقل النظيف. إذا تم تنفيذ هذه الخطة، فقد يرتفع الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 3.5٪ وسيتم إنقاذ 9 ملايين وظيفة أو استحداثها بحلول عام 2023. بالإضافة إلى ذلك، سيقلل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بمقدار 4.5 مليار طن وسيمنح الوصول إلى الكهرباء لـ 270 مليون شخص في البلدان ذات الاقتصادات الأكثر ضعفاً.

 

في الاتحاد الأوروبي (EU)، يمكن لتطبيق مبادئ الاقتصاد الدائري في نماذج الإنتاج والاستهلاك في المنطقة أن يزيد الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي بنسبة 0.5٪ إضافية حتى عام 2030 ويخلق حوالي 700000 موطن شغل جديد. يمكن أن يكون لتسريع الحكومات والشركات للتخلي عن الكربون في الاقتصاد بشكل خاص ولتعزيز الاستدامة بشكل عام تأثير إيجابي للغاية على خلق فرص العمل وبالتالي على الانتعاش الاقتصادي.

 

تم تقديم المنشور بمناسبة الذكرى الخامسة لأهداف التنمية المستدامة، ويدخل أيضا في إطار بداية عقد العمل من أجل أهداف التنمية المستدامة (الذي أعلن عنه أمين الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس للسنوات العشر القادمة)، ووسط جائحة كوفيد 19 التي بينت الحاجة الملحة لجهد جماعي الآن أكثر من أي وقت مضى من أجل تحقيق خطة 2030. ويمثل عقد العمل فصلا مهما جدا في الوثيقة، حيث يقترح التعبئة وزيادة الطموحات وتطوير حلول مبتكرة كمواضيع محورية.

 

تحديدا، لزيادة طموح الشركات من حيث أهداف التنمية المستدامة، يتضمن المنشور عرضًا لـ SDG Ambition، وهو إطار جديد لتطبيق أهداف التنمية المستدامة أنشأه الميثاق العالمي للأمم المتحدة بهدف أن يكون بمثابة خارطة طريق لإدماج أهداف التنمية المستدامة والمبادئ العشر للميثاق العالمي في أي استراتيجية عمل. وتستعرض الوثيقة عبر صفحاتها العناصر الرئيسية الثلاثة للإطار: التركيز على الإستراتيجية والحوكمة، ودمج العناصر الإستراتيجية في جميع العمليات، ودفع التزام أصحاب المصلحة.

 

باختصار، تسببت أزمة كوفيد 19 في إبراز الحاجة إلى تعزيز مجال إضافي إلى جانب المجالات الثلاثة التي حددتها الأمم المتحدة في عقد العمل (التعبئة والطموح والابتكار): ما يسمى بإعادة البناء بشكل أفضل أو الحاجة إلى إعادة بناء مستقبل أفضل. طلب أنطونيو غوتيريس، الأمين العام للأمم المتحدة، من جميع الجهات الفاعلة على هذا الكوكب، استغلال عمليات التعافي من الأزمة الحالية لوضع خطة 2030 في قلب استراتيجيات الحكومات والشركات كضمان للنمو الاقتصادي ولتنمية مجتمعات مستدامة ومرنة وإدماجية. يمكن للمستقبل الذي ينتظرنا أن يكون أفضل، وتحقيقه يعتمد علينا.

يشارك:

تحتاج مساعدة؟